هو تمني زوال النعمة عن صاحبها أيًّا كانت تلك النعمة، وهو صفة ذميمة لأنه من صفات إبليس ومن صفات اليهود ومن صفات شرار الخلق قديمًا وحديثًا؛ ولأنه عدم رضا بقسمه الله عزَّ وجل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه أمراض القلوب: [والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضًا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها وقد يحصل نظير تلك النعمة ما أنعم به على النوع ولهذا قال من قال إنه تمنى زوال النعمة فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها. والنوع الثاني أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدًا في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً وسلّطه على هلكته في الحق) هذا لفظ ابن مسعود ولفظ ابن عمر رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه].
1 – الحسد بفتح السين أكثر من سكونها مصدر حسد.
أن يتمنى الحاسد زوال نعمة المحسود.
فلا يخرج عن المعنى اللغوي.
اللغة: مأخوذ من المنا، وهو القدر؛ لأن المتمني يقدر حصول الأمر، والاسم المنية، والأمنية.
الاصطلاح: فهو طلب حصول الشيء سواء كان ممكنًا أو ممتنعًا، والعلاقة بينه وبين الحسد: هي أن الحسد نوع منه كما ذكر الزركشي في المنثور. بـ الحقد.
اللغة: الانطواء على العداوة والبغضاء, وهو مأخوذ من حقد من باب ضرب، وفي لغة من باب تعب وجمعه أحقاد.
الاصطلاح: طلب الانتقام وتحقيقه أن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدًا. وسوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة فهو ثمرة الغضب، والحسد ثمرته؛ لأن الحقد يثمر ثمانية أمور من بينها الحسد, وبيان ذلك كما جاء في الإحياء أن الحقد يخمل صاحبه على تمني زوال النعمة عن عدوه فيغتم بالنعمة التي تصيبه ويسر بالمصيبة التي تنزل به.
اللغة: الفرح بما ينزل بالغير من المصائب، والشماتة والحسد يتلازمان؛ لأن الحسود يفرح بمصائب الغير.
المراد بها هنا: الإصابة بالعين التي يسمى صاحبها عائنًا، يقال: تعين الرجل المال إذا أصابه بعين، وعنت الرجل أصبته بعيني، فأنا عائن وهو معين ومعيون. والحاسد والعائن يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه، إلا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة، والحاسد يحصل جسده في الغيبة والحضور، وأيضًا العائن قد تزال ما لا يحسده من حيوان وزرع وإن كان لا ينفك من حسد مالكه.
قال ابن القيم: [الحسد أصل الإصابة بالعين. وقد تزال الرجل نفسه، وقد تزال بغير إرادته بل بطبعه وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني].
تسمى حسدًا مجازًا، ومعناها في اللغة: حسن الحال، وهي اسم من غبطته غبطًا من باب ضرب إذا تمنيت مثل ما ناله من غير أن تريد زواله عنه لما أعجبك منه وعظم عندك.
اصطلاحًا: فهو كمعناها في اللغة: أي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة, فإن كان في الطاعة فهو محمود، وإن كان في المعصية فهو مذموم، وإن كان في الجائزات فهو مباح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ومن أمراض القلوب الحسد كما قال بعضهم في حده إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الأغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا لأن الفاضل يجرى على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس إنه تمنى زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود] [أمراض القلوب: ج1/ ص14].
قال الشافعي: [الحسد إنما يكون من لؤم العنصر وتعادي الطبائع واختلاف التركيب وفساد مزاج البنية وضعف عقد العقل الحاسد طويل الحسرات عادم الدرجات].
منشأ الحسد وبدايته من إبليس على آدم عليه السلام قال: “أَاسجُدُ لِمَن خَلَقتُ طِينًا” فحسده وذريته وكاد ذريته بجنده يوسوسون في صدور الناس بالحقد والحسد وبدأ بابني آدم عليه السلام وكانت أول حادثة قتل في التاريخ بسبب الحسد.
الرجوع إلى : عن الحسد